الفصل الثالث عشر
تمر ساعات الليل ببطئ.....وتأتي اشعة النهار لتغير الوان الكون شيئا فشيئا......اشهد كل هذا رغم ارادتي.....وانا عاجزة عن النوم.....افكر...بما آلت اليه نفسي.....وبالطريق الذي سلكته....ما بدايته....وما نهايته.....كل شئ اراه مظلم.....حقا لا اجد اي بداية ولا اي نهاية......قمت من مكاني على الفراش....وتطلعت لنفسي بالمرآة.....انظر الى عيني فلا ارى شيئا.....انها المرة الأولى التي انظر فيها لنفسي في المرآة فلا اراها....ماعدت اعرف ذاتي......لقد كنت اؤمن باشياء كثيرة....اين ذهبت هذة المبادئ؟.....لقد كان املي في المستقبل كبير.....كيف تشوه هذا الأمل بهذا الشكل؟....حتى مات واندفن.....وماعدت استطيع احياءه..... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......ماعاد يخرج مني سوى شحنات سلبية....تجاه الكون....تجاه الناس......من هؤلاء الذين قابلت بحياتي؟....وهل كل الناس هكذا؟.....هل كلهم سواد هكذا؟......اذن اين ذهب امثالي......مهلا....من هم امثالي....لم اعد اشبه امثالي.......بل اني اصبحت من الناس الذين اقابلهم.....اصبحت مثلهم حتى بدون ارادتي.....احب التمثيل ولبس الأقنعة والخداع والكذب والتكبر والتلاعب......لقد كنت منزهة عن كل هذا.......كيف وصل بي الحال الى القاع هكذا؟.......وكيف اعود.....هل هناك امل ان اعود؟......اعود الى من؟.....ماعدت اذكر نفسي لأعود......على الأقل يجب ان ابدا.....يجب ان ابتعد عن الخداع والتلاعب....وحب تعذيب القلوب والتمثيل بشئ ليس في نفسي.....يجب ان اعود صادقة....يجب ان اتخلى عن قناع الكذب الذي كنت اظن انه يحميني ويجملني بين الناس.....فلقد غزاني واصبحت قبيحة امام نفسي......يجب ان اعود كما كنت...باي طريقة.....
لا ادري كم الأيام مضيت بعيدا عن النت......ساعدت آية في شقتها.....فهي ستتزوج خلال اسبوع......وقد جاء انشغالي بها في مصلحتي.....لكنها اكنت تحس بالإكتئاب الذي اصبحت عليه......والذي لا ترى له سبب واضح سوى سوء الحظ بالحياة......كنت اقضي وقتي كاملا معها......لا ادري ماذا كان يجول بصدري وانا اختار معها الأشياء التي اتمناها لنفسي..... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......واجهز بيتها وانا اتمنى ان اكون في بيتي......واراها هي وعريسها في قمة السعادة.....وكل ما اعيش فيه هو التعاسة بعينها.....حكم تعاسة مؤبد.....كنت احاول قدر الأمكان ان اتجاهل طعنات الألم....لأنها اعز انسانة على قلبي.......ولأني احبها اكثر من اخت لي لم تنجبها والدتي......وخصوصا ان آية كانت انسانة رائعة....ومثلها يستحق ماهو اكثر من السعادة......آية فعلت الكثير لأجلي وتحبني بصدق...فاقل ما افعله لأجلها ان اتمنى لها السعادة من كل قلبي......كنت معها كل الأيام قبل زفافها....كان زفافها جميلا للغاية.....وفستانها الأبيض في قمة جماله.......كانت ابتسامتها الصافية وحبها الكبير الواضح من معاملتها لعريسها هما اجمل ما فيها....جعلها تبدو حقا كالملاك.......كان حقا حفل آية هو اجمل حفل زفاف شاهدته او حضرته....والأجمل اني كنت اسعد من اي حفل زفاف حضرته.....عدت الى بيتي.....وأنا اشعر يقينا اني قد فقدت آية...وان عريسها اخذها مني..... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......سيكون لها بيتها الخاص واسرتها واولادها وزوجها.....شهر عسل ثم تعود للعمل وتتحمل العديد من المسؤليات....لن تكون متفرغة لتستمع لمشاكلي.....لابد وان اتعذب طويلا من الوحدة بدونها....اشعر اني فقدت اسرتي كاملة وليس مجرد صديقة....دمعت عيني حين قالت لي انها ستطلب من زوجها ان يجد لي عملا آخر.....حتى وهي في اهم ليلة بحياتها تفكر بي.....انها حقا اروع صديقة يمكن ان يحظى بها الانسان....لن استطيع ابدا ان اعوضها........
كنت طوال الوقت اقاوم اغراء النت....وانظر الى جهاز الحاسوب وانا افكر وافكر.....كانت هذة الأيام صعبة علي كثيرا.....حتى شعرت اني بعدت عن هذا الجو وقتا كافيا.....ويمكنني ان اعود اليه مختلفة عما سبق.....دخلت النت.....وحاولت ان اشترك في منتدى جديد لكي اشغل نفسي بالمشاركة بمواضيعه......كنت ادخل كل صفحة رئيسية لاي منتدى واختبر شعوري....هناك بعض المنتديات تشعر بألفة ناحيتها بمجرد ان تدخلها...وهناك منتديات اخرى تمضي فيها وقتا طويلا دون ان تدخل قلبك او تشعر انك تنتمي لها حقا..... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......عثرت على منتدى اسمه (اهل الشاطئ)....شعرت ان الوانه مريحة.....واعضاءه يبدون طيبين الى حد ما......وحين انزلت موضوع الترحيب الخاص بي...وجدت عددا من الردود والتراحيب التي تفتح قلب الأنسان للمكان....فارتحت في المكان.....وقررت ان اقنن من علاقاتي على المنتدى حتى يظل محتفظا بصورته الجميلة في ذهني هو اناسه...ساراهم عن بعد فهذا افضل لي من ان اصدم فيهم عن قرب......ساحاول جهعل علاقاتي بالكل سطحية......حتى اقلل من شعور المرارة بداخلي شيئا فشيئا.......لم ادخل على موقع الزواج....وقد كنت قررت في ذاتي الا ادخل عليه.......كنت امضي وقتا طويلا بالتفكير في ذاتي.....وفي كل ما جرى لي.....حقا الصدمة التي تعرضها لها من موضوع عماد....قد اثرت علي تأثير جذري......لقد دمرتني بمعنى الكلمة.....مثل القنبلة النووية.....لا تدمر كل ما حولها فقط.....بل تشوه كل ما سيأتي......لقد شوهني عماد.....ليتني لم احبه.....ليتني لم اقابله......ليتني احتفظت بزهرة قلبي الأولى لمن يستحق.....ولم اعطها لسافل مثل عماد.......يبدو اني سأمضي وقتا طويلا في التحسر والندم على ما فات.....وفي قول كلمة ليتني ليتني.......واليوم جاء عيد مولدي....اليوم الذي يذكرني اني كبرت عاما اخر.....ويشغل شريط هذا العام لأخرج بنفس النتيجة كل سنة.....هو ان هذا العام ضاع من عمري دون ان انجز اي شئ...... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......اشعر بضيق شديد حين يأتي يوم عيد ميلادي ليذكرني اني مازلت وحيدة.....واظل اتساءل ان كان عيد مولدي القادم سيشمل كوني مازلت وحيدة.......كم اكره ان يجلعني عيد ميلادي ارى اني مازلت كما انا الأيام تمر بي وانا لم اتقدم....وفي اوقات اخرى اجد نفسي اتأخر وارجع بخطاوت للوراء وللفشل.......متى ساتزوج؟.....متى سأجد شريك حياتي....كم عيد ميلاد سأمضيه وانا وحيدة؟.....متى يأتي عيد الميلاد الذي سأكون فيه مع حبيبي سعيدة هائنة......ولما ارى هذا اليوم بعيد بهذا الشكل؟.....ربما لأني لم احظى بأي اهتمام كإنسانة وكأنثى......كم هو يوم صعب عيد ميلادي هذا........كم هو يوم طويل يمر ببطئ وكل ساعة في تؤلمني
وصلتني عدة رسائل على ايميلي تفيد بأن بعض الرجال ارسلوا راغبين بالتعرف علي على موقع الزواج......لا اريد دخول هذا الموقع مجددا......انهم يتاجرون فيه بأحلام الفتيات ومشاعرهم.......كل رجل في الموقع يدخل ليتسلى ويجد فتيات بصورة اسهل ليحصل على ارقامهن ويحادثهن ويقابلهن......وطبعا بتحجج برغبته الجادة في الزواج لكي يقنع الفتاة فيصل لما يريد.....لكن لا احد منهم يريد الزواج حقا....ولو اراد لما لجا للنت إلا لو كان فيه عيب خطير كالأعاقة او القبح الشديد او التخلف ربما!!........حاولت ان امتنع عن دخول الموقع.....ولكني شعرت بالوحدة وبالضعف.....فرجعت للموقع.....وقرأت الرسائل.....قلت ان امعن في اختياري بشكل جيد.......وجدت شاب منهم من نفس مدينتي....ويعمل محاسب بشركة.....ويبدو من كلامه عن نفسه في ملفه انه شخص جيد..... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......ارسل له....وتحادثنا.....كان اسمه محمد.......كان يتكلم معي باحترام شديد......وادب واخلاق.....وكان في كلامه نبرة حنان جميلة.....اعجبني محمد بسرعة......لكنه طلب يرى صورتي.....كنت قد ارسلت صوري للعديد من الشباب عدة مرات فأكتفيت.....وقررت ان اوقف هذا الأمر.....فرفضت متعللة أني احافظ على نفسي......فقال لي انه لا يمانع ان يتعرف علي اكثر واكثر.....امضينا عدة ايام سويا.......يأتي قبل موعدي لينتظرني....لتحدث......كان كلامه ظريف.... حدثني عن اسرته......واخوته..... جميع اخوته كانو بنات.....كان يسكن بعيدا عني في اطراف المدينة....حتى اني اخبرته اني ابحث عن عمل فودعني ان يبحث لي.....حقا كان محمد انسان طيب للغاية....ارتحت له كثيرا وصرت افتح له قلبي......وهو فتح لي قلبه واخبرني عن احلامه بالعروس الطيبة التي تحتويه ويكون بينهما تفاهم جميل......اخبرته ان هذا كان حلمي انا ايضا......واني لا اريد اكثر من ذلك.....اخبرني انه قد يمضي بعض السنوات في الخارج ليكون مبلغ يبدا به حياته....ويحسن به شقته التي تعتبر على اطراف المدينة.....وسألني ان كنت اوافقه في هذا.......فوافقته واخبرته اني ان احببت شريكي فأني على استعداد للذهاب معه اينما كان.....فهو حبيبي ولن اعيش بدونه.....قال لي محمد انه يشعر شيئا فشيئا اني الأنسانة التي يبحث عنها.....امضينا اسبوعان سويا نتعرف على بعضنا....وشعرنا وكاننا نعرف بعضنا من وقت طويل جدا......فطلب الي مرة اخرى ان يراني.....وقال لي انه يريد ان يتقدم لي رسميا....ولكن عليه ان يراني اولا في الواقع...وهذا من حقه.....فأخبرته اني ساخرج لأمر بالمكان الفلاني يوم غد في الساعة العاشرة صباحا...... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......وانه يمكنه ان يراني....لكن دون ان يحادثني.....استغرب كلامي وقال لي ما المانع ان احادثك قليلا...فأخبرته ان هذا سيصبح وكانه موعد بين حبيبين وانا لست من هذا النوع......ولكن ليراني الرؤية الشرعية يمكنه ان يراني عن بعد...حتى اني اخبرته ماذا سأرتدي.....واخبرته اني سادخل المطعم بهذا المكان واشرب مشروبا.......فوافق.....واخذ اجازة من عمله ليأتي في هذا الموعد وهذا المكان البعيد جدا عن بيته.....طلبت منه ان يريني صورته حتى اعرفه......فاراني صورته.....لم يكن وسيما جدا......لكني احببت شكله.....وشعرت براحة شديدة ناحيته........ظل يمزح معي بشأن لقاءنا غدا......وظللت امزح معه اني سارتدي قفازا في يدي مثل ليلى مراد حتى يعرفني......فضحك بشدة وقال لي بل ضعي وردة على صدرك حتى اعرفك.....كان حديثنا جميلا وطريفا......ولكنه قال لي في النهاية:
- اني سعيد اني سأراك غدا يا حبيبة......وسأبذل ما في وسعي لأجعلك لي ولأسعدم ما تبقى من عمرك.....
كم افرحني هذا الكلام.....كنت حقا في منتهى السعادة في هذة الأيام التي كنت اكلم فيها محمد.....قررت ان اقابله وانا ارتدي افضل التياب.....دعوت الله كثيرا ان يكون هذا هو شريك حياتي...وان اسعد وارتاح واطمئن به......صحوت في اليوم التالي باكرة جدا....وارتديت ثيابي....وذهبت الى المكان الذي كنت ساقابل محمد فيه.....حين وصلت المطعم......وجلست وطلبت مشروبا..... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......نظرت حولي فوجدت محمد جالس.....عرفته من ملامحه مباشرة........وعرفني هو الآخر...تطلع لي كثيرا......بل انه لم يحرك عينيه من علي.....شعرت بسعادة فائقة...كما اني شعرت بخجل شديد.....كنت اقاوم الا انفجر في الضحك.....وكنت حقا اتمنى لو انه يضرب بكلامي عرض الحائط ويأتي ليكلمني.......ولو كلمة واحدة.....كنت اتمنى حتى لو انه جلس بالقرب مني.....كان في الحقيقة اجمل من الصورة.....وكان يرتدي ملابس شبابية ذات ذوق جميل.......ويمسك بعلبة السجائر في يده اليسرى....كان قلبي يدق بسرعة.....وانا ارى في عينيه الهدوء....وكل ما نظر الي اكثر كلما شعرت ان هذة هي نهاية ايامي الصعبة......واني اخيرا وجدت من ابحث عنه.....شربت العصير كاملا...ونهضت.....فنهض بعدي.....قلت لابد وانه سيسير خلفي ليعرف اين اسكن.....كان هذا هو حلم حياتي منذ زمن......وفرحت بذلك كثيرا....نظرت خلفي بعد ان سرت قليلا.....لكني لم اجده!!......استغربت....وقلت في بالي لابد وان لديه عملا هاما او شئ ما....شعرت ببعض الخيبة.....لكني قلت لا بأس حين اكلمه بالليل سافهم منه كل شئ.....
دخلت في موعدنا في الليل...فلم اجده.....استغربت ولكني قلت لابأس ربما تأخر خارجا......كتبت له رسالة اني في انتظاره......واني مشتاقة للحديث معه.....كنت سعيدة....وكنت واثقة اني لما شعرت بارتياح له لابد وانه شعر بنفس الارتياح...كان هذا واضح من نظراته لي....فهو لم يتوقف عن النظر لي نهائيا......لكن محمد تأخر كثيرا......مضت الساعات....ولم يحضر محمد يومها.....لم اصدق نفسي....قلت في بالي ربما تكون صدفة ان النت فاصل لديه اليوم....او الكهرباء مقطوعة....او اي شئ.....لكنه لم يظهر مجددا قط......لم افهم لماذا فعل هذا...كنا جدا متفاهمين......الهذة الدرجة شكلي لم يعجبه؟.....هذا غير معقول فأنا لست سيئة......انا فقط عادية.....لماذا فعل هذا؟.....كنت كل يوم انظر لأيميله.....واتمنى لو انه يظهر اون لاين ولو مرة واحدة......لكن الأيام مرت ولم يظهر....وحذفت ايميله من عندي....وترك في داخلي جرح لا يمحى.....وبدأت اسال الله بيني وبين نفسي....لما تفعل بي هذا يارب؟.....
لم اتمكن من منع نفسي من محادثة الرجال.....صحيح اني ابتعدت عن منافذ الشات...لكني بقيت في موقع الزواج....عمل تبحث على النت على مواقع الزواج....فوجدت الكثير من مواقع الزواج...وجميعها بنفس الطريقة....بعد المواقع الشهيرة تطالب العضو بمال مقابل عضويته......استغربت كثيرا...هل هناك من يقوم بالدفع ليكون بموقع كهذا؟......لو كنت انا شاب...وابحث عن التسلية.....فلما ادفع؟....اذن لابد ان هؤلاء الشباب جادين.....ولكن حتى المبلغ المدفوع شهريا لا يمكن ان يحرم الشباب من حب التسلية.....فبعض الفتيات يظنون انها ان دخلت موقع فيه دفع وليس مجانا فستجد شباب جاد....من الواضح ان اي شاب بشكل عام على النت غير جاد.....حتى اني اذكر راي احدى صديقاتي بالرجال على النت....حين قالت لي......النت مكان لنوعين من الشباب.....المعاتيه والمريضين نفسيا ليس إلا...... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......اما الطبيعين فهم لا يقضون مثل هذا الوقت على النت وقطعا لا يبحثون فيه عن علاقات لأنها موجودة في واقعهم....اي بمعنى اصح كنت انا من المعتوهين الذين بلا حياة...والذين حاولوا خلقها على النت في الوهم.....تألمت لهذا الراي ولكني وجدته شيئا فشيئا حقيقة......اصبحت منقطعة عن الحديث مع صديقاتي من المنتدى القديم.....فهو كان بؤرة للفساد وللأشخاص المريضين.....وابقيت على صديقاتي القليلات الطيبات....او حتى الآن يظهرون طيبات.....قررت في نفسي.....ان اتوقف عن فكرة....من يضرني اضره...ومن يطعنني اطعنه....انا لن احاسب احد.....الله هو فقط من يحاسب......لن ارد الصاع صاعين لأحد.....ولن افكر دوما بالأنتقام....فهو لا يجلب لي سوى الهم والمزيد من الأعداء......وفكرت ان اصبح مسالمة فهذا افضل لنفسيتي لابعدها عن المشاحنات والضغوط النفسية غير المرغوب فيها......حتى اني فكرت مع نفسي واستغربت كيف يؤثر علينا النت بشكل رهيب في نفسيتنا وافكارنا برغم ان كله وهم في وهم...لا حقيقة له...وكله بالمجان....فلو ارسل لك احد رسالة على ايميلك فلا تنسى انها مجانية....لو انه اتصل بك لكان افضل......لو انه ارسلها لك على الموبايل لكان افضل....لكن النت سهل كل شئ......ومن جهة اخرى افقد كل شئ قيمته......وافقد الأهتمام متعته....فكل شئ بالمجان.....وكل شئ مباح....وما عدت تعرف من يحبك حقا ممن ينافقك لشئ في نفسه......
وانا اتصفح موقع الزواج.....رأيت ملف العضو (غير قادر على النوم) اعجبني اسمه......وحين رأيت صورته....وجدته وسيم....قرأت الكلام الذي كتبه عن نفسه فأعجبني جدا اسلوبه.....شعرت انه قريب من اسلوبي....فأرسلت له انا....بغرض التعارف الجاد......وحين رد علي وارسل لي ايميله....تحادثنا على الايميل.....كان حديثه ممتعا.....وذو اسلوب مهذب.....كان هادئ الطباع وعاقل الى حد كبير......لكنه كان جادا في اغلب الأحيان......كنت اشعر حين امازحه وكأني اتعدى حدودي معه!!.....ولم يكن يضحك ليخفف عني....بل كان يكمل الحديث بشكل عادي......كان اسمه حازم....وكان رئيس قسم في احدى الشركات....اراني بعض الكتابات التي كان يكتبها بينه وبين نفسه....شعرت كم هو مرهف برغم عدم اظهاره ذلك.....وشيئا فشيئا اصبحنا اصدقاء...حين رأى صورتي....قال اني جميلة....ففرحت.....انه عكس محمد......وانه اعجب بي برغم انه وسيم......سالته عن تجاربه السابقة.....فأخبرني انه عشق فتاة لمدة خمس سنوات وان اهلها رفضوا تزوجيه لها وفي النهاية تزوجت غيره وهي الآن لديها طفل....اسمته على اسمه حازم!!..... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......تألمت لقصته.....وسالته ما ان كان مايزال يحبها....فأخبرني ان هذا حرام.....وانه حين علم بزواجها اجبر نفسه على نسيانها غصب عنه....وعدم التفكير فيها مجددا.......تألمت لحاله كثيرا....وظللت اسال نفسي.....ترى ايهما اشد صعوبة.....حاله ام حالي....اهو اصعب ان لا تجد نصفك الثاني....الا تجد من يبادلك حبك ويعشقك ولا يستطيع ان يعيش بدونك ويكون ما بداخله هو نفسه الذي بداخلك....ام أن الأصعب هو ان تجد هذا الشخص الذي عشت طوال عمرك تبحث عنه......وان تشعر بمعنى الحياة بجواره.....وان تكون اسعد الناس بحبه لك....ولكن ان لا يكون لك مستقبلا!!.....وان تعيش عمرك كله واياه تتحسران على الفراق غير قادرين على الأستمرار......لست ادري حقا ماهو المؤلم اكثر فأنا لم اعش تجربة ان يكون لي حبيب بمعنى الكلمة......وليس الحثالة الذين عرفتهم......كنت اسأل حازم كثيرا عم مميزات تلك الفتاة ولما احبها....فقال لي انه هو نفسه لا يعرف لما احبها.....لم يكن فيها شئ مميز جدا يعني.....لكن الحب كيمياء تحدث دون ارادتنا.....تأثرت بهذا الكلام.....لكنه كان يتكلم عنها بهدوء شديد.....فاستغربت...وقلت له الست حزينا لفراقها؟......فاجابني وقال:
- لقد تركنا بعضنا منذ ست سنوات.....وقد جلست اربع سنوات منها غير قادر على النوم مثل البشر الطبيعين......بل اني كنت ابكي اكثر من النساء!!.....
- اووووه....يا إلهي....لم اكن اعلم.....اسفة يا حازم لأني ذكرتك....
- لا بأس...تعودت......في هذة الحياة تتعلمين إما تتعايشين مع ألمك....او تموتي!!....في الحالتين لن تفرقي مع احد.....فقط نفسك.....
اخبرني حازم انه لم يحب ابدا بعد هذة الفتاة......فشعرت بداخلي ببعض التهديد.....صعب عليه اذن ان يحب واحدة مثلي.....لكني ظللت اتقرب منه.....حاولت كل جهدي ان اكون له كل شئ.....الصديقة والأخت والحبيبة وكل شئ......لكني لم اتمكن من التجرؤ على جلب اي شئ عاطفي في كلامي معه ولو بشكل غير مباشر فهو كان جاد للغاية....كنت اظهر له اني اقلق عليه....كنت اامضي اكبر وقت ممكن معه.....وكنت اتركه يحكي لي قدر ما يشاء عن كل ما يحب.....حتى انه كان يحب كرة القدم فأهتممت بكرة القدم لأجله...كنت احاول بكل طريقة ان اكسب اي نقاط لديه....حتى اني لم اكترث كثيرا بمقدار اهتمامه وان كان مساويا لأهتمامي به ام لا.....بل كان كل تركيزي منحصرا في ان نتقدم خطوة بخطوة نحو طريق القلوب.....الحب......لكن....مرت العديد من الايام.... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......تحادثت انا وحازم بكل شئ.....ولم يحدث شئ...لم يحدث اي جديد.....حتى اني اصبحت اجد بعض الملل في الحديث معه....فلم يعد هناك موضوع لم نتطرق إليه.....وفي نفس الوقت الجزء الخاص بالحب محظور حتى الآن.....اصبحنا نمضي مع بعضنا معظم اليوم تقريبا.....واصبح يعرف كل شئ عن حياتي.....اذن ماذا بعد؟؟؟....هل سنبقى هكذا مدى الحياة؟......حاولت التلميح له بأن كل علاقة لها العديد من الخطوات.....وان على طرفيها التقدم خطوة خطوة معا.......فوافقني.....لكن لا شئ تغير.....ومرت عدة ايام على هذا....فقلت في بالي ان احكي له بصراحة فلطالما كنت من محبي الصراحة....فقلت له:
- حازم......كيف تراني؟
- حاليا؟....انا لا اراكِ......(وجه مبتسم بمزاح)!!....
- انا اعني....من انا بحياتك.....
- انت انسانة عزيزة جدا علي....
- ثم؟....
- ثم؟.....لاشئ....ثم هذة تأتي بالوقت يا حبيبة......
- نعم انت معك....لكن الا ترى انه مضى كثير من الوقت يا حازم؟.....اننا معا منذ مدة.....وانت تعلم اننا اصبحنا مقربان للغاية......
- اجل اني ارى هذا.....لكني لا ارى اين مشكلتك.....
- مشكلتي اننا لا نتقدم.....اننا مازلنا في مكاننا ليس اكثر.....اتسائل احيانا هل تهتم بي ام لا....هل تحس بشئ اتجاهي ام لا.....
- لو لم اكن اهتم بك لما حادثتك من الأساس......ولما ضيعت دقيقة واحدة معك......
- اجل لكنك تقضي وقت مع اي احد...مع الزملاء...مع الأصدقاء...في العمل.....اي شئ....انا فقط لا اعرف من انا في حياتك.....
- انت تعرفين جيدا من انت.....الم اخبرك منذ قليل انك عزيزة علي؟...
- يا حازم افهمني.....ساسألك بشكل اكثر وضوحا.....من انا في قلبك؟....
- هذة الأشياء لا تأتي هكذا.....تأتي وحدها......وتحتاج وقتا....
- نعم لكن قد مر الكثير من الوقت......وقد تقربنا من بعضنا بما فيه الكفاية.....فإن لم يولد بداخلك اي شئ الآن.....فلا اعتقد انه سيولد ابدا....
- وما ادراك......انا من النوع الذي اخذ وقتا طويلا....وعليكِ ان تصبري علي......
- حازم....انا اشعر احيانا انك مغلق قلبك.....وانك لست على استعداد للعطاء.....ولا تريد ان تقع بالحب.....
- الحب امر مؤلم.......لقد تعبت من تجربتي السابقة ولا اريد تكرار الألم......
- وهذا ما اتحدث عنه.....انت لا تريد اعطاء نفسك فرصة.....الحب ليس هكذا....لا يصطدم بك بهذا الشكل ويجبرك.....بل يجب ان تفتح قلبك وتعطي وتهتم...يجب ان تكون على استعداد لتحب.......واستقبال الحب ايضا......
- انا لا اغلق قلبي.....وبنفس الوقت لا افتحه.......الفتاة التي تريدني عليها ان تستحق حبي لها......عليها ان تعطي كل وقت وتشعرني باني لست بحاجة الى اي شئ....
- اما يجب عليك ان ترى ما تحتاجه هذة الفتاة منك ايضا حتى تعطيك كل هذا......اما يجب عليها ان تجد مقابلا لعطاءها؟.....
- ماذا تريدين مني يا حبيبة؟....
- اريد منك بعض الأهتمام.....
- انا اعطيك اقصى درجات اهتمامي....
- قصدت العاطفة يا حازم.....
- عليكِ ان تعتادي على ما انا عليه.....
- حازم كل ما اريده ان نتقدم.....نحن في مكاننا لا نتحرك.....
- .................
وفجأة.....انقطع عن الحديث معي.....ظننت انه اراد الأختلاء بنفسه قليلا.....او ان النت قد فصل لديه....او اي شئ.....لكنه لم يعد للحديث معي مجددا.....وكالعادة لم افهم لماذا......هذة المرة....سئمت.....سئمت جميع الرجال....الخطا ليس خطاي.....ابدا ليس خطاي.....انا لدي القلب الصادق.....والعاطفة الجياشة....لكن هم الغريبي الأطوار.......لست ادري لماذا....فكرت ان افتح رسائلي القديمة لعماد.....ليس التي ارسلها لي....بل التي ارسلتها انا له.....قرأت نفسي.....واستغربت نفسي كثيرا...... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......بل اني جلست لأصحح الأخطاء لنفسي....ماكان يجب ان اقول كذا في هذة الرسالة...ماكان يجب ان اظهر لك اني ميتة فيه لهذا الحد.....ماكان يجب ان اعرفه اني لا استطيع العيش بدونه.....ماكان يجب وماكان يجب....شعرت كم اني اصبحت مختلفة.....حقا اردت الرجوع باي طريقة.....قررت ترك موقع الزواج...فهو لا يفيد بشئ.....ربما كان حظي سيئا....ولكني لن اتعب نفسي من جديد....يجب ان افوق مما انا فيه....يجب ان افعل شيئا ما بحياتي.....
جاء والدي من سفره وجلس معنا.....لأن شهر رمضان كان على الأبواب.....اصبحت ابحث على النت اكثر من ان احدث احدا....اقرأ بعض الكتب.....اتفرج على افلام...منها العديد من افلام الكارتون....العب العابا....رجعت لموقع الفيس بوك....اصبحت اقرأ النكات....واناقش المواضيع....واتجنب الرجال......اجتاحتني مشاعر التدين......والقرب من الله...في حالة الأنكسار التي انا فيها....لم اجد سوى ربي ليحس بي.....فقد سئمت البشر وظلمهم.....فلا عادل سوى الله.......كنت اتقرب له بخطى حثيثة.....وادعوه بيني وبين نفسي......كانت تهاجمني الهواجس كثيرا...... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......واضعف كثيرا لأعود لما كنت عليه.....لكني......كنت احاول.....كنت ادعو الله ان يعوضني عن عماد...وعن فقداني لقلبي....كنت احادث ربي كثيرا باني انتظر فرجه.....وفي ليالي رمضان.....كنت اذهب للصلاة....في مواعيد التراويح.....كنت خجولة في التعامل مع الناس حتى من هم في سني.....كنت اشعر بالوحدة الشديدة وانا جالسة وسطهم يحدثون بعضهم وانا عاجزة عن شجاعة محادثة احد.....كنت انتظر اي خطوة من اي احد.....لكني كنت.....اجد الوقت لكي....اشعر اني وحيدة مع ربي...فادعوه....لم اكن اكثر في العبادات الأخرى....بقدر ماكنت اكثر الدعاء......يقولون يجب ان تدعو الله وانت واثق من انه سيستجيب....لم اتمكن من ارغام نفسي على هذة الثقة بالأجابة....ربما لأني لم اشعر اني....استحق الأجابة.....ولكني كنت ادعو على اي حال....فقد كنت منكسرة متعبة جدا من الحياة....ومن ناسها.....
في اخر عشرة ايام في رمضان.......كنت اذهب لصلاة التهجد بالليل....كان الجامع تحت منزلي فلم يمانع والدي من رجوعي متأخرة....وذات ليلة....ذهبت جميع النساء الى بيوتهن...وانتهيت انا من الصلاة وكنت على وشك الرحيل...فرايت عجوز....تؤلمها قدمها.....وتأخذ نفسها بصعوبة....وقفت مكاني...لست ادري ماذا افعل....لم يسبق ان جاءتني الشجاعة لأكلم احدا لا اعرفه....وخصوصا انها حتى ليست بسني.....لكن هل اتركها هكذا؟....مااذا افعل ياربي...وفي لحظة....خرجت الجملة من فمي:
- هل انت بخير سيدتي؟....هل تحتاجين شيئا؟....
لم اصدق ان صوتي خرج رغم ارادتي وقال هذا....فوجدتها قد فرحت كثيرا بكلامي وقالت لي:
- اجل يا ابنتي لو سمحتي...يبدو اني لن استطيع العودة وحدي...اريد ان اتصل بابني لكي يأتي ويأخذني....انه يصلي بجامع قريب.....لكن ليس معي الجوال...هل معك جوال يا ابنتي؟
- اجل هذا هو.....تفضلي.....
- اه شكرا يا ابنتي....ارجوكِ كلميه على هذا الرقم.....اني متعبة....لا استطيع التنفس.....هذا هو رقمه.....اسمه اسلام.....
انا اكلم رجل غريب؟.... بمنتهى البساطة.....صحيح اني كلمت غيره سابقا ولكن كلهم كانت تكلمهم حبيبة الوهمية وليست الواقعية..... ضربت االرقم باصابع مرتعشة.....فرد علي شاب وقال :
- السلام عليكم
- .......
- الو؟؟......السلام عليكم؟..
- ....و.....وعليكم السلام......
- من معي؟.....
- اممم....الـ......السيدة وحدها هنا...وهي متعبة...في الجامع....تريد ان....تأتي لأخذها....
- والدتي؟....تقصدين والدتي؟
- .....اجل.......
- حاضر سآتي حالا.....في خلال ربع ساعة....
اغلقت الخط.....وانا انظر حولي....قلبي يدق كالمطرقة......ذهبت فجلبت لها كوب ماء....وجلست بجوارها صامتة.....فأخبرتني ان اعود لبيتي وهي ستنتظره هنا...فاجبتها بأني سأرحل حين يحضر....فشكرتني ورتبت على كتفي.....مرت الربع ساعة وكانها ربع قرن....في صمت كامل يخترقه صوت انفاس السيدة االعجوز......حتى سمعنا طرقا على باب الجامع....وصوت الشاب ينادي امه.....فنهضت...وخرجت له......فحدق بي بتساؤل......... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......كان شاب في نفس طول قامتي.....يرتدي نظارات طبية.....وملابس بيتية إلى حد ما....كان عادي الشكل....لكن ملامحه هادئة وطيبة....انزل عينه من علي...فأنزلت عيني انا الآخرى....وقلت له ألا احد بالداخل سواها...فدخل وساعدها على النهوض.....وساعدتها انا وظللت اسندها من الذراع الأخرى.....حتى ذهبنا بها الى سيارته.....فوجدته ينظر الي ويقول:
- اسمحي لنا ان نوصلك....اين يقع منزلك....
- لا لا...انه هنا في الأعلى.....شكرا لا داعي...
- اذن شكرا لك....سأنتظر هنا حتى تصلي الى شقتك بالسلامة....
- ....شـ......شكرا لك.....في حفظ الله.....
ثم تحركت بخطوات خجولة.....وصعدت البيت......كنت اشعر بألم في معدتي....وبخجل شديد....واحداث اليوم تتكرر في ذهني.....وحين صعدت....عرفت اني لن استطيع النزول للصلاة مجددا نظرا لظروفي الخاصة الشهرية.......
انتهى شهر رمضان......وجاء عيد الفطر......وعلمت بخطبة بعض صديقاتي....فاتصلت بهن لبارك لهن....وكلمت آية...فعلمت منها بخبر افرحني للغاية.....فهي حامل.....فرحت كما لم افرح بحياتي....وقررت ان ازورها.....خرجت مع والدتي لنبارك لها ولوالدتها.....نظرت الى بطنها ولم اصدق ان كائنا حي يعيش بالداخل.... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......حين عدت دخلت على النت لابحث عن صور للأطفال الصغار......كنت انظر لوجوههم واحجامهم الصغيرة....واتمنى من كل قلبي لو اني احمل وانجب طفلا......بكيت...من الضعف وفقدان الأمل.....ودعوت الله بحرقة دموعي....ان ينهي مأساتي.....ويبدأ لي حياتي.....ولم اتمكن من التوقف عن البكاء في تلك الليلة.....
بعد عدة ايام...حين كنت جالسة على العشاء مع والدتي ووالدي...لاحظت انهم يتطلعون لي بشكل غريب......وهم صامتون....فسالتهم هل من امر...فلم يجيبوا...فبدات بالأكل بشكل عادي.....تشغلني نفس الأمور المعتادة...فسمعت والدي يقول:
- حبيبة.....لقد قابلني اليوم شاب في الجامع....اسمه اسلام.....وقال لي ان والدته تعرفك......وانه....سيأتي لزيارتنا هو وعائلته يوم الخميس القادم.......
استغربت جدا كلام والدي....أليس هو نفسه الشاب الذي كانت والدته تعبانة في ذلك اليوم؟......اسلام ياتي لزيارتنا مع اهله؟....لكنهم لا يعرفوننا......لا يعرفون احدا في اسرتنا سواي.....امر غريب...ام استوعب مباشرة فقلت لوالدي...
- لماذا سيزورونا؟....
- انهم قادمون ليخطبوكي.....
- .......يخطبون من؟......انا؟.....