لفصل السادس عشر
ظننت ان الماضي يدفن في داخل الأنسان....ويبقى يحرقه من هناك وحده.....ولكن مالم اتخيله ابدا....ان تفوح رائحة ماضيّ بهذا الشكل فيحس به غيري......لم اتخيل في يوم من الأيام ان اوضع في هذا الموقف.....ان يخرج ما اخفيته من قمقمه.....وان تظهر حقيقتي امام الناس.....او بمعنى اصح.....ان يظهر الجانب الذي لطالما اخفتيه.....حتى اني لم اعترف به......ماهي امكانية ان يحدث شئ كهذا لي.....ان يكون احد الشباب الذين كلمتهم على النت صديقا لخطيبي الحالي.....هل يمكن ان اخرج من ورطة كهذة سالمة؟.....ماذا احتاج لأفعل ذلك......شيئا فشيئا بدأت اجن....وانا اعيد التفكير مليا في كل ما حصل..... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......لدرجة اني في شدة انفعالي وتفكيري خطر في بالي تفكير غبي هو ان اقتل ذلك المدعو مجدي.....حقا اجد قتله امرا مبررا لو انه سيدمر الحلم الذي لطالما حلمت به واخيرا تحقق.....اصبحت افكر بجنون.....كل هذا في سبيل ان انقذ زواجي من شئ كهذا......كنت اجلس في مكاني مع حماتي وصديقاتها دون ان اتمكن من النطق بحرف واحد......وانا سارحة في ألم اخر.....اجلس بهدوء امامهم...وبداخلي براكين وصراخ وحروب........اريد ان اركض اريد ان اهرب اريد ان اصرخ ابكي...افعل اي شئ........اريد ان امنع اسلام من الحديث مع هذا الشاب نهائيا....ولكن كيف....هل يمكن ان اتبلى عليه انه تحرش بي.....لكي يبتعد عنه....لكي يقاطعه......هل يمكن ان....هل يمكن ان......لقد اصبحت افكر بجنون....يجب ان اخرج من هنا اني اشعر بالأختناق....لا اريد ان يوجه لي احد حديثا....ولن استطيع ان ارد على احد....يجب ان اخرج من هنا باي شكل.....استأذنت حماتي وقلت لها اني اشعر بتعب لذلك ساعود للبيت.....حين خرجت من شقتها تنفست الصعداء....وظللت اهيم في الشوارع وانا سارحة لا ادري الى اين اذهب.....وماذا افعل....ظللت اهذي واحدث نفسي....واقول:
- يارب.....ارجوك استرني يارب.....لا تفعل بي هذا......ارجوك يارب....
وانا اسير ولا اعلم وجهتي....سمعت نغمة اتصال اسلام بي.....فتزلزل كياني كله...يا الهي كيف يتصل بي وقد كنت عنده للتو....لابد وانه عرف.....لابد ان مجدي اخبره.....ماذا ساقول له....رددت وصوتي يرتعش:
- الووو
- اهلا حبيبتي.....هل انت في البيت؟....
- لـــ.....لا....لست في البيت...ما الأمر؟...
- هل انت بخير حبيبتي؟...لقد قلقت عليكِ فلقد اتصلت بي والدتي واخبرتني انك تشعرين بتعب...اردت الأطمئنان عليكِ انك وصلت بالسلامة...ماذا يتعبك اخبريني؟......
- اوه....لا شئ....فقط شعرت باختناق وصداع.....ساكون في البيت بعد قليل.....شكرا لك حبيبي....انا بخير....
- هل آتي لأوصلك حبيبتي...صوتك رهيب....تبدين في حالة سيئة.....
- لا لا..لا تقلق علي....ساكون بخير....اخـ...اخبرني...هل مازال صديقك معك؟....
- مجدي؟....لا لقد رحل بعد رحيلك فورا فلقد كان لديه بعض الأعمال.....
شعرت ان الدم رجع ليتدفق في عروقي من جديد.....لم يحدث شئ الحمد لله......ربما لن يحدث شئ....ربما لن يتمكن من التذكر.....اجل....لن يستطيع التذكر....امثاله كلم الكثيرات ومن المستحيل ان يتذكرني....ربما لن اكون في خطر كما ظننت....حتى لو تذكر....اجل....لن يكون لديه دليل....وسانكر كل شئ.....ربما خفت اكثر من اللازم...يجب ان ادعو الله ليبقى الأمر كما هو....ولا يحدث شئ.....عدت الى البيت...تحممت وحاولت ان اهدئ من روعي......حاولت ان انام قليلا لأنسى كل ما حصل واخفف الضغط النفسي من علي....
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد....فمنذ ذلك اليوم اصبحت عصبية بشكل رهيب.....كلما سمعت من اسلام انه قابل مجدي....كلما شعرت بالرعب....حتى ان اسلام نفسه لاحظ اني لا اطيق مجدي...واني بطريقتي الغير مباشرة احاول اخباره الا يتحدث معه كثيرا.....فسألني بشكل مباشر عن السبب....وحاول الأستفسار مني فشعرت ان هذا امر ليس في صالحي...واخبرته اني فقط لم اتقبله....ولكني لا اقصد اي شئ......حاولت ان اخفف وطأة تصرفاتي...دون جدوى.....حاولت ان اصلي كثيرا...وان ادعو الله كثيرا ان لا يعرف اسلام بهذا الأمر.... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......وبقيت كل يوم اضع يدي على قلبي كلما ذهب اسلام للكلية او قابل مجدي.....حتى اني كنت اتصل به احيانا وانا اعلم ان مجدي معه....واساله عنه...واحاول ان استشف من نبرة صوته ما إن علم شيئا....حتى انه ذات مرة كلمني ونبرة صوته متضايقة للغاية....فكاد قلبي يتوقف عن النبض...فأخبرني ان احد رؤساءه انتقد عمله بشدة....لذلك يشعر بالمضايقة ليس إلا.....فكدت انهار.....وهكذا كل يوم....كان وقتا عصيبا مليئا بالعذاب.....حتى انهي اسلام عذابي حين اخبرني مرة وهو في وسط حديثه معي.......:
- استغربت ان يقرر مجدي ترك العمل ليسافر ويعمل باحد دول الخليج من اجل المال.....انه يكاد يبني مستقبل جيد هنا.....لما يقرر السفر فجأة....
- ماذا قلت؟...مجدي سيسافر؟...الى اين؟....
- الى الكويت حسب ما اذكر......اني حزين لقراره...فإن سافر سيفقد مركزه هنا....وسيعود بالمال دون مستقبل......ولن تحسب له سنوات عمله في الخارج كسنوات خبرة على الأطلاق......كما ان الغربة صعبة جدا.....
كدت انهض لأرقص امامه...سيسافر لسنوات وسارتاح من هذا الكابوس.....ولن يعود الا وانا واسلام متزوجان ولدينا اولاد......وسيصمت للأبد.....اكاد اموت فرحة....حاولت ان ابرر لسلام موقف مجدي وان اقنعه ان ما يفعله هو الصواب....فقط لكي لا يحاول نصح صديقه بعكس ذلك......وظللت اعد الأيام حتى يأتي يوم سفر هذا الرجل.....وهذا ما حصل فعلا.... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......فقد استيقظت في ذلك الصباح الذي سافر فيه مجدي.....وانتهى خوفي للأبد.....اتصلت باسلام يومها بعد ان عاد من المطار بعد توصيل صديقه.....كلمته وقد كنت مشرقة وسعيدة.....ومرتاحة....وامطرته بكلمات الحب......والشوق....فاستغرب لأنفعالي ولكني لا ابالي.....كيف كنت سأعيش لو اني باي طريقة فقدت اسلام بعد ان وجدته.....من المستحيل ان اعيش بدونه من جديد.....
ذات صباح وردني اتصال من رقم غير مسجل عندي.....وحين رددت عرفت انه تم قبولي في احد الوظائف التي سبق وتقدمت لها وساعدني اسلام فيها....فشعرت بفرح رهيب...وبأن الحياة بدات تفتح بابها لي....اخبرت اهلي بالخبر....ثم قررت ان افاجئ اسلام واذهب إليه لأخبره بنفسي وارى تعبيرات وجهه بنفسي....ذهبت وانا اشعر بسعادة فائقة.....سالت عنه في الكلية فأخبروني انه في الأستراحة ولديه محاضرة بعد ساعتين....ففرحت وقلت ان هذا من حسن حظي.....وذهبت الى مكتبه ثم طرقت الباب...فلم اسمع ردا.....طرقت مرة اخرى...فلم يجبني احد...ففتحت الباب ودخلت.....رايت اسلام يجلس على مكتبه...وامامه الحاسوب المتنقل الخاص به (اللاب توب).....يجلس امامه دون حركة....وكانه مصدوم...استغربت من هذا المشهد....ناديته.....:
- اسلام...حبيبي....انا هنا....
فرفع نظره الي.....كان منظره رهيبا.....وكأنه للتو تلقى خبر موت اقرب الناس له.......بقي لدقائق طويلة غير قادر على ان يجيبني...فاقتربت منه لكي افهم ماذا يحدث له....ثم وجدت على شاشة جهازه انه فاتح بريده الألكتروني....وهناك رسالة مفتوحة...والأغرب ان فيها صورتي......فتوقفت قليلا وسالته ماذا به وماذا يحدث فقال لي:
- هل هذة صورتك يا حبيبة....؟؟...
- اجل من الواضح انها صورتي...ما الأمر....؟.....تبدو شاحب للغاية يا اسلام.....
- هذة الرسالة وصلتني من صديقي مجدي منذ ربع ساعة.....يقول لي فيها انه تذكر اين رآكِ من قبل.....وانه كان يعرفك عن طريق موقع للزواج....اعطاني اسمه ورابطه....واعطاني رابط الصفحة الخاصة بملفك......وارسل لي الصورة التي كنتِ قد اريتيه اياها على حسب كلامه......
لم انتظر ابدا مصيبة كهذة تقع على رأسي فتقسمني نصفين.......نظرت الى شاشة حاسوبه....ونظرت الى نفسي في الصورة....ونظرت الى نهاية المكتوب بالرسالة وقرأت جملة ظلت محفورة في داخلي سنوات طويلة من عمري....كتب مجدي:
اني اخبرك بهذا لأني ارى انه من حقك ان تعلم كل شئ عن الأنسانة التي سترتبط بها قبل ان تفعل....فقد تقرر تغيير رايك قبل فوات الأوان....انا افعل هذا لأني لو كنت مكانك لرغبت ان اعلم......وانا اسف ان كنت قد صدمتك.....
صديقك مجدي.....
صمت كثيرا...وصمت اسلام طويلا...هو يحدق بوجهي ليبحث عن اجابة....وانا احدق بتلك الرسالة....انظر كيف ان حروفا من فراغ...دمرت كل شئ في حياتي في لحظة واحدة...لست ادري كم بقينا هكذا...حتى نطقت انا اخيرا وقلت:
- ياله من صديق!!.....
لم استطع ان انظر الى اسلام....لم اتحمل ذلك....الصمت جعلني اختنق شيئا فشيئا.....والشهقات تتجمع في حلقي.....فقال اسلام:
- حبيبة.....هل ما قاله مجدي حصل بالفعل؟.....قولي اي شئ.....
- .............
- هل ما يقوله صحيح؟......
- .............
- اجيبي!!
- اسلام ارجوك.....ارجوك انسى كل هذا.....هذا كان من الماضي....كل شئ انتهى الآن.....لا وجود لأي شئ من هذا في الحاضر...وخصوصا بعد ان قابلتك.....
- ..........انسى؟......
- اجل.....يجب ان ننسى....انت لا تعلم ما الذي مررت به قبل ان اقابلك.....انت لا تعلم شئ عني...لا تعلم عن ظروفي وكيف كان وضعي.......حين قابلتك تغيرت كل حياتي.....غيرت فيّ كل شئ سئ.....لقد اصبحت انسانة اخرى.....
- اي ظروف؟.....هل....تستعملين النت وتكلمين الرجال...وتحبينهم وتكونين علاقات عن طريقه.....ودخلت موقع زواج ايضا؟....كـــ....كيف...كيف حصل كل هذا؟.....
- اسلام ارجوك....ارجوك افهمني....لقد كنت اشعر بالوحدة.....لقد كنت اشعر اني ساظل وحيدة ما تبقى من عمري.....لقد كنت صغيرة وساذجة ووحيدة في هذة الدنيا لا افهم ما هو الصحيح وماهو الخطأ.....
- لماذا فعلت هذا؟.....كيف فعلت هذا؟.....
- لقد كنت بحاجة ان اكون مثل بقية الناس....مثل بقية البنات....لقد كنت اريد للعالم ان يحس بوجودي...لا....كنت اريد ان احس انا بوجودي واهميتي....كنت يائسة....محتاجة للحب.....كنت اريد ان اشعر اني انسانة مرغوبة وطبيعية....
- ما الذي تقولينه....هل جننت......وكيف تظنين ان رجلا على النت قد يكون يخدعك او يتلاعب بك....يمكن ان يشعرك انك مرغوبة.....حتى لو كنت تكلمين الرجال بالشات.....كيف يصل بك الأمر للدخول لموقع زواج.....هل تظنين ان رجلا يمكن ان يتزوج فتاة من موقع زواج؟.....لست افهم شيئا.......
بقيت ابكي وانا لست ادري ماذا اقول....لست ادري كيف ادافع عن نفسي....لست ادري كيف ازيح هذة العاصفة عن كاهلي...كنت اتمزق حية...وانا اسمع صوت اسلام وهو يعلو ويعلو.....وتسارع انفاسه......ثم قال:
- تكلمين رجالا على النت....لقد ظننت انك فتاة طيبة بريئة.......لم يسبق ان دخل قلبها انسان.....ان حقيقتك مختلفة تماما عما ظننتك.....
- لا يا اسلام ارجوك لا تقول هذا الكلام.......لقد كنت بحاجة الى ان ارتبط....ولم استطع ان افهم متى سيحصل هذا....لقد كنت محبوسة ووحيدة ويائسة...كنت اظن اني لن احصل ابدا على حبيب...
- لما لم تنتظريني......لمالم تؤمني بوجودي......لما اعطيتي قلبك لأخرين لا يستحقون....ماذا استفدتِ؟.....
- لم اكن اعلم اني ان انتظرت سأحظى بك.....لو كنت اعلم هذا لأنتظرت قرونا دون ان اشعر باي ملل.....كنت اشعر بالغضب على كل الرجال....لما عليهم ان يفعلوا ما يريدون....ويحبون ما يريدون من الفتيات....ويتزوجون في النهاية فتاة لم يسبق لها ان احبت من قبل....كنت اشعر ان هذا غير عادل.....من يرد شئ لنفسه فعليه ان يفعله مع غيره......كنت واثقة اني مهما فعلت فأني حين ارتبط لن يكون الذي ارتبط به افضل حالا مني....مثلما يريد ان يكون الأول في قلبي كنت اريده ان يكون كذلك ايضا.....ولكن لا رجل يهتم بهذا....
- وماذا عني؟....لما ظننت ان كل الرجال واحد.....انا لم احب سواك.....ولم افكر بسواك......ولم اشتق لسواك.....وفي النهاية....هذا هو جزائي؟...ألا تجرحني اي انسانة كما جرحتني؟...
- ارجوك يا اسلام.....ارجوك لا تقتلني.....انا اموت بما فيه الكفاية.....انا لم اقصد جرحك ولن اقصده ابدا.....ولو كنت اعرف ان كل هذا سيحصل ماكنت فعلت.....ارجوك.....ارجوك سامحني على كل ما حصل....
اعطاني اسلام ظهره وانا ابكي...لم يتحمل توسلي.....كنت اشعر بتلك الحرب داخل صدره....وكنت ادعو بيني وبين نفسي ان يسامحني....وان ينتهي هذا الكابوس.....لكنه التفت لي فجأة...وشدني اليه من ذراعي وقال :
- كم رجلا كلمتي؟....ماذا كنت تقولين لهم؟......هل كنت تعطينهم هذة الصورة ام صور اخرى؟....تكلمي....
فأنهرت باكية وظللت اصرخ.....فشعر بما قال.....وتغيرت ملامحه الى الندم.....وتركني....واعطاني ظهره من جديد....فقلت باكية.:
- اسلام.....بالله عليك....لا تفعل ذلك....انسى كل شئ.....انا احبك....بل اني اعشقك......لم ارد من الدنيا كلها سواك....لقد اخطأت...وانا اعترف بخطأي......ونادمة عليه......ارجوك سامحني....
- هل تظنين ان الأمر سهل علي؟.....هل تظنين اني اريد ان يحصل هذا.....كيف تظنين اننا سنستمر بعد كل هذا.....حبيبة.....هذا الأمر اكبر مما تتخيلي......ارجوكِ ارحلي....عودي الى بيتك.....ساكلمك حين اهدأ.......
- لا.....لن اتركك قبل ان يطمئن قلبي.....انا لا استطيع الحياة بدونك يا اسلام......ستكون هذة الضربة القاضية.....لن اتحملها....انا احبك....بالله عليك انا احبك......
- حبيبة.....وحدك تعلمين كم....كم احببتك....
- لما تتحدث بصيغة الماضي؟....ارجوك.....ارجوك لا تفعل هذا....
- دعيني وحدي يا حبيبة....دعيني وشأني....ارحلي....اتوسل اليك ارحلي.....
نظرت اليه والدموع تغرق وجهي.....ثم خرجت....خرجت من عنده وقلبي يعتصر ألما.....شعرت انها....ولا ادري لماذا.....انها المرة الأخيرة التي ساكون فيها معه......كنت اركض في الشارع وانا ابكي....والناس تتطلع الي ولا اهتم.....بل اني اريد للعالم ان يعرف كم انا محطمة....كم انا مدمرة....اريد ان يراني الجميع وانا هكذا.....بدون اسلام.....اريد ان تسافر الريح بدموعي....بعيدا عني....اريد ان اهرب....اهرب من نفسي....من دنيتي...من المي.... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......اركض لعلي اسبقه فيرحل عني.....اركض وانا لا اهتم لوجهتي.....فقد ضعت للأبد.....وكل املي الآن....ان يهدأ اسلام...ويسامحني.....اريد ان اكلمه...ولو مرة اخيرة....اريد ان اخبره كم اعشقه.....اريد ان اتوسل اليه الا يعذب قلبي......اريد ان امحو كل شئ يمكن ان يفرق بيننا....حتى لو كان نفسي ذاتها.....
مرت عدة ايام.....واسلام منقطع فيها عني......وانا.....اتعذب في كل ثانية بعد وكأني اتعذب في سجن.....يشوون فيه قلوب السجناء.....ويقتلعون ارواحهم.....ربما كانت هذة الأيام اصعب ايام عمري كله...بقيت فيها ادعي كالهذيان....كل لحظة.....ان يعود اسلام لي......باي طريقة......بقيت ادعو ان ينتهي هذا الكابوس والا نفترق....كنت على استعداد لفعل اي شئ ولأكون اي شئ فقط ولا يتركني اسلام......كنت كل ثانية اقول (يارب لا تبعد اسلام عني....لا تفرقه عني)...هكذا باستمرار كل ثانية..... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......لم استطع ان اعيش....لم استطع ان اكلم احدا....لم استطع ان اكل....لم استطع ان انام...عذاب مستمر....لا نهاية له...ارسل رسائل لموبايل اسلام.....اقول له فيها ان يكلمني....واني احبه....حتى جاءت تلك الليلة.....بعد منتصف الليل....اتصل بي اسلام....فالتقطت الهاتف كما يلتقط الغريق انفاسه اخيرا......سمعت صوت اسلام...كان صوته رهيبا.....وكانه قادم من مكان سحيق.....كان يبدو عليه الألم الشديد والحزن....تألمت لأني السبب...ولاني فعلت به كل هذا....اول كلمة قلتها له باكية:
- اشتقت لك كثيرا يا حبيبي....
- حبيبة......انا اسف اني لم اتصل بك في الايام الماضية....فقط لم استطع.....كنت افكر في كل ما حصل....لم اتوقف لحظة عن التفكير....كانت هذة الأيام صعبة جدا....
- انت لا تدري كم تعذبت يا اسلام في هذة الايام...لقد كانت جحيما....
- وانا كذلك.....سبب عذابي....انك حبي الأول يا حبيبة.....ولك ان تحسي ما معنى ان تكوني اول من يدخل قلبي.....لقد كنتِ بداخلي...كل شئ جميل....رسمت لك صورة مختلفة كثيرا....لم اكن اعرف بكل هذا....بل اني....اني حتى لم اكن اريد ان اعلم.....كنت اقول لنفسي ليته لم يخبرني.....لأني يا حبيبة...
- لا....لا لا.....لا ارجوك....لا تقلها....لا تفترق عني....بالله عليك
- ان لن استطيع ان استمر يا حبيبة معك....لن استطيع صدقيني....لأمر ليس بيدي....لا يمكن ان....ان اثق بك بعد ذلك......سيظل الشك يؤرقني....سيظل يدمر هذا الأمر حياتنا سويا....
- لا....ارجوك لا.....لا تقل هذا الكلام...ارجوك يا اسلام...سأفعل اي شئ....اي شئ تريده....فقط لا تتركني...
- ليس هناك شئ يا حبيبة...لقد انتهى الامر....لو كان هناك شئ يمكننا فعله لفعلته انا ولم انتظر.....سآتي غدا لأعيد لك اشياءك وحقك......
- انا احبك يا اسلام....احبك....ماذا تقول...اي حق هذا الذي ستعيده الي...لا اريد منك شئ...لقد اعطيتك قلبي....لقد اعطيتك روحي....كيف ستعيدهم الي؟....
- وهل تظنين....اني ساستطيع ان استعيد قلبي وروحي؟......هل تظنين اني افعل هذا بارادتي.....انا لن اتحمل....ليس هذا ما اردت ان تكون عليه زوجتي.....ليس هذا ماكنتِ عليه في نظري.....لقد مثلتي علي شخصية غير حقيقتك
- معك حق انا نفسي لم اعد اعرف نفسي......لكني لم اجد نفسي الا حين اصبحت لك.....ساموت لو تركتني
- كفى يا حبيبة...لا تجعليني اقول كلام قد يجرحك....فقط انسيني...واستمري بحياتك....واتمنى ان يكون طريقك هذة المرة هو الصواب....انا اسف فلن اكون قادر على اسعادك مجددا.......الوادع يا حبيبة....
اغلق اسلام الخط....وسط بكائي وحسرتي وصراخي...ظللت اتطلع للهاتف وانا ابكي ولا اصدق ما اسمع......لم اتخيل في يوم من الأيام ان اسلام سينفصل عني.......شعرت بدوار شديد...شعرت بختناق غير عادي....ثم رايت السواد يلفني....ولم اشعر بنفسي...سقطت مغشيا علي.....
جاء اسلام في اليوم التالي للقاء والدي....اعاد اليه كل شئ يخصني.....دخل بيتنا وهو لا يرتدي خاتم خطوبتنا.....لم يخبر اسلام اهلي عن السبب الحقيقي لأنفصالنا....اخبرهم اننا غير مناسبين لبعضنا.....واننا غير متفقين...وانه اتفق معي على انهاء ما بيننا...تعرض للكثير من اللوم من اهلي....والمهانة.....ولكنه بقي صامتا....لم يدافع عن نفسه....ولم ينطق.....تركهم يفعلون ما يشاءون....ثم نهض واستأذن.....خرجت من غرفتي وناديته بألم.....فالتفت لي...ونظر الي نظرة اخيرة.......لست ادري كيف كانت....كأنه يتطلع لأنسانة اخرى غير حبيبته.....لم يكن في هذة النظرة اي حب....لم يكن فيها سوى الخزي والحسرة.......فتح الباب وخرج....خرج من حياتي للأبد....خرج اخر امل لي بالكون....راحت بسمتي....راح فرحي بلا عودة...... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......خُنقت روحي...واغتيل حبي.....وبقيت وحدي....في اللا شئ.....في اللا انا.....في مكان ما بين الحياة والموت....اعاني.....اتعذب عذاب لا مثيل له......لم يفهم اهلي ما حصل....سوى انه شجار بيننا ادى الى انفصال.....ولم يكلمني طبعا احد من اهله من جديد......بقيت محبوسة في غرفتي...وطبعا نسيت العمل الذي كنت ساذهب اليه وراح مني...فقد كنت قد فقدت اعز ما لدي ما عاد يؤلمني فقدان اي شئ آخر.....ظللت اتطلع لرسائل اسلام لي على الهاتف...اتطلع لصورنا معا.....اتذكر ذكريات حبنا الجميلة التي كانت من لحم ودم...وليست وهما على النت.....كنت امر بهذة الأمور وانا في اللا وعي.....ابكي بلا وعي......لا افرق بين صبح او ليل...لا احس باحد....حتى أن آية كانت تزورني وتجلس بجواري واحيانا كانت تهتم بي لأني كنت في حالة مزرية..... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......ولم اشعر ماذا كانت تقول لي.....فقط كنت اراها ضبابية.....اخبرتني بعد ان افقت من حالتي اني كنت ابكي في حضنها واطلب اليها ان تتصل باسلام وتخبره اني احبه واني اريده حالا......كنت اموت بمعنى الكلمة...لم ارد ان اعيش.....لم ارد ان استمر....لم اجد فائدة من الأستمرار...فماذا يمكن ان اخسر بعد كل ما خسرت....كيف يمكن ان تضربني الحياة اكثر مما ضربتني.....وماذا سيؤلمني بعد المي هذا...لا شئ.....فلأمت....فلا فائدة من الحياة......لا حياة بدون اسلام فقد كان اخر طوق للنجاه....
مرت ايام لا اعلم كم عددها.....لا ادري كم حبست نفسي...وكم مرت ايام لم انم....وكم مرت ايام لم اكل غذائي الوحيد هو البكاء.....وكم عدد المرات التي زارتني فيها آية......وماذا فعلت انا تحديدا في هذة الأيام....لا ادري كم استغرقني لأفيق من هول الصدمة.....ولم ادري ماذا يمكن ان افعل بنفسي.....بقيت هكذا.....لا اتحدث....اكل القليل.....انام واصحو....لاعيد نفس الأشياء.....لكن جاءت لي انتكاسة لحالتي....حين جاء عيد ميلادي......كان من المفترض ان اقضي هذا العيد مع اسلام....لقد وعدني ان يجعله اجمل عيد ميلاد يمر علي...... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......وها قد جاء...وعدت لما كنت عليه...وحيدة كليا....في اهم يوم لي......ليس هنا اسلام ليخبرني انه يحبني....وانه سيكون معي ما تبقى من عمري في كل عيد ميلاد....يا الهي...كيف يمكنني ان اتحمل كل هذا الألم....كيف يمكنني ان اصمد....كيف يمكنني ان اعيش......وماذا بقي ليستحق ان اعيش...ولما حدث لي كل هذا....هل كنت استحق ما حصل لي؟.......
مرت اشهر وانا على نفس الحالة....وجدت فعلا انه لا امل....فاسلام لن يعود....وغصب عني صار من الماضي....وغصب عني بقيت كما انا في حالة من اليأس والتوهان.....ولم يعد بإمكاني التراجع.....وجدت نفسي اعود للنت من جديد......ماذا سيردعني الآن....فلقد كتب علي هذا....اخبرت صديقاتي اني فسخت خطبتي.....وغابت آية عن حياتي فلقد سافرت مع زوجها......ولكنها بقيت تراسلني دوما على النت...... مؤلفة الرواية ياسمين ثابت او امرأة من زمن الحب......ووجدت عملا فذهبت اليه كالأنسان الآلي...ولم اشعر بشئ اطلاقا او باي نجاح.......وبقيت اتحدث كما كنت على النت....فقد اصبحت كذلك شئت ام ابيت.....كنت محطمة فعدت للحديث مع الرجال من جديد......وعدت للمشاركة بمنتدى اهل الشاطئ......حتى ارسلت لي العضوة سمراء ......حتى قابلتك يا ايمان.....وحكيت لك كل هذا لتعلمي...اي عالم انت مقحمة بيه نفسك.....انقذي نفسك فأنا لم اتمكن من انقاذ نفسي.....